النساء الرائدات في كرة القدم هي سلسلة جديدة من FaLebanon لتسليط الضوء على كرة القدم النسائية في لبنان وتقديمك إلى بطلاتنا اللبنانيات.
ليس سرًا أنه كي يصبح المرء رياضي، ذلك يستغرق قدرا كبيرا من الوقت والعمل الجاد والتضحية. جداول زمنية كثيفة للتدريب ووجبات غذائية متخصصة تصبح شرطًا بدلًا من مجرد نمط حياة اختياري. هذه التضحيات قد تنتج مكافأة كبرى، ولكنها تشكل مجازفات خطيرة. هذه المجازفات لا يمكن التنبؤ بها ويمكن أن توقف مسيرة لاعب. لهذا السبب الكثير من الرياضيين دائمًا ما يعملون على مسار بديل، في حال ساءت الأمور. تشارك حنين تميم، مهاجمة المنتخب الوطني اللبناني ونادي ساس، هذه العقلية مع العديد من الرياضيين وتسعى لتحقيق حلمها في أن تصبح لاعبة كرة قدم محترفة بينما تدرس للحصول على شهادة جامعية.
تميم تتخصص في علم التغذية، اختارت هذا المجال بسبب قربه من العالم الرياضي. كما يمنحها خيار التخصص لاحقًا في علم التغذية الرياضية، التي تعد جانبًا رئيسيًا في نمط حياة أي شخص، ناهيك عن الرياضيين. لا يزال لديها نيّة ان تحترف كرة القدم وتعتقد أنه يمكن تحقيق ذلك من خلال الحصول على فرصة للعب في الخارج. “إنه حلمي في الواقع، وأنا أحاول العمل للوصول اليه”. ولكن، دراستها ستكون دائما أولوية. تميم تعتقد أن فرصة الاحتراف في كرة القدم لا يمكن تأكيدها. “قد يحدث شيء ما، ولن أكون قادرةً على اللعب بعد الآن، لذا يجب أن أحصل على شهادتي حتى أتمكن من الاستمرار في الحياة”.
كانت تميم دائمًا ترافق شقيقها الأكبر وأصدقائه إلى ملعب الحي وتحب أن يتم ضمّها في مباريات كرة القدم الخاصة بهم. وفقًا لها، عزّز اللعب معهم مهاراتها في كرة القدم. “كنت أشاهد كيف يلعبون وأتعلّم منهم”. بدأت فيما بعد بلعب كرة القدم مع فريق مدرستها وانضمت إلى أكاديمية نادي بيروت للأولاد مع بعض زملائها في المدرسة كان ذلك دفعة معنوية كبيرة في ذلك الوقت لأنه لم يكن هناك العديد من أكاديميات أو فرق كرة القدم للفتيات.
لم تبدأ تميم في التنافس مع فريق مدرستها الا عندما انتقلت إلى مدرسة مختلفة، فساعدتهم على الفوز بالعديد من البطولات فني بيروت وجبل لبنان. قادتها موهبتها ونجاحها الواضح في تلك المسابقات مدربها في مدرستها، يحيى شعيب، إلى ضمّها إلى أكاديمية كرة القدم للبنات، GFA، التي تنافس في دوري كرة القدم للسيدات.
كان اللعب في الدوري النسائي اللبناني لكرة القدم تجربة جديدة تمامًا لتميم، ومختلف تمامًا عن المسابقات المدرسية التي لعبت مع فرق من خمسة أو سبعة لاعبين. كانت قادرة على التّكيّف مع هذا المستوى الأعلى من خلال مشاهدة المباريات بانتظام ولعب ألعاب فيديو كرة القدم، سواء مع شقيقها أو حتى عبر الإنترنت. “إن ذلك يساعدك حقًا على فهم اللعبة نظرًا لأنك تتحكم في الجميع في الفريق وليس فقط اللاعب الذي يلعب في مركزك”. ثم بدأت تدريجياً في تطبيق الأشياء التي تعلمتها في لعبتها، مما منحها ميزة على منافسيها.
بعد ثلاثة مواسم ناجحة مع GFA، اعتقدت تميم أنه حان الوقت لتحدي جديد وانضمت إلى حامل لقب الدوري، نادي الساس. أتى انضمامها الى فريق بطل الدوري في موسم 2018-2019 بامتياز حصري: حضور أول بطولة للأندية النسائية في غرب آسيا في الأردن، والتي تصفها تميم بأنها تجربتها الدولية المفضلة. على الرغم من أن بقية الفرق المشاركة كان تضمّ لاعبات محترفات في صفوفها، تميم وزملائها لم يشعرن بأنهم اقل مستوى من هذه الفرق على الرغم من انهم لا يضمون لاعبات اجانب، وكانوا على حق بعدما انهين البطولة في المركز الثاني. وأعربت تميم عن اعتقادها أيضا أنهن كنّ في مهمة لتأكيد مكانة لبنان على الساحة الإقليمية إذ كنّ يمثلنّ كرة القدم النسائية اللبنانية.
لم يكن تمثيل لبنان غير مألوفًا لتميم. هي مثلت لبنان ضمن منتخب تحت 17 و19 عامًا ومنتخب السيدات. تمّ استدعاؤها لأول مرة في عام 2015 لبطولة تحت 19 عامًا في الأردن وكأس العرب تحت 17 سنة في قطر، لكنها شعرت بخيبة أمل لأنها لم يتم استدعاؤها إلى منتخب السيدات في ذلك العام. “لم أستسلم فقط ولم أتوقف عن العمل على نفسي واستمررت في العمل إلى درجة تمكنت من اللعب مع كبار السن”. في نهاية المطاف، مثّلت تميم لبنان مع منتخب السيدات في عام 2017. “إنه لشيء أنصح الجميع القيام به، لا تستسلم ابدًا”.
كان نجاح تميم الأخير مع الفريق الوطني الأول في بطولة غرب آسيا لعام 2019، حيث سجلت ثلاثة أهداف لمساعدة لبنان في الحصول على المركز الثالث. إن إصرارها على أن تكون جزءًا من الفريق الوطني يأتي من المزيج العاطفي للفخر والمسؤولية. “فكرة أنني أستطيع أن ألعب رياضتي المفضلة وأن أكون قادرة على تمثيل بلدي كان شعورًا لا يمكن تفسيره”. وهي تعتقد أيضا أنه جعلها تتعلق بلبنان أكثر، لأنها شعرت بفخرِ كبيرِ عند غناء النّشيد الوطني فقدمّت كل شيء لديها على أرض الملعب. “إنه شيء لم أشعر به في حياتي أبدًا، ولا أعتقد أن أي عاطفة يمكن أن تتفوق على ذلك”. تميم تعترف أنها كانت محظوظة ليتم استعاؤها الى الفئات العمرية المختلفة في منتخب السيدات وأن الأجيال الجديدة هي الأوفر حظًا لحصولها على خبرات دولية أكثر في سن أصغر، والتي من شأنها تعزيز كرة القدم النسائية في لبنان.
شهدت كرة القدم النسائية في لبنان تطورًا ملحوظًا مؤخرًا لكنها لا تزال تعيش في ظل كرة القدم للرجال. تعتقد تميم أن السبب الرئيسي لذلك هو أن هذا الأخير كان موجودًا لفترة أطول بكثير، وقام ببناء جمهور ضخم على مر السنين، وهذا هو السبب في أن لديهم حاليًا تغطية إعلامية أكبر ورعاة أكثر بكثير. ومع ذلك، تشعر بالتفاؤل بشأن تحسن الدوري النسائي عامًا بعد عام. كل موسم جديد، يظهر المزيد من الفرق والجمهور والانتباه. “على سبيل المثال، تم بثّ مباراتنا النهائية ضد EFP وكانت المدرجات ممتلئة تقريبًا، لم يحدث ذلك من قبل”.
تميم ترى ان الاتحاد اللبناني يعمل بجد في تنظيم دوري السيدات لكرة القدم، فضلّا عن تطوير المنتخب الوطني. أنها تثني أيضا على جهود FaLebanon وغيرها من منصات وسائل الإعلام الاجتماعية في مساعدة كرة القدم النسائية في لبنان للوصول إلى جمهور أوسع. اللاعبة السابقة في GFA تعتقد بقوة أن هناك حاجة لكرة القدم لتكون متكاملة في النظام التعليمي من أجل إدخال هذه الرياضة إلى أن الأجيال القادمة وتشجيع الفتيات الموهوبات الذين لا يجدّن متنفسًا لمهاراتهم. على المستوى الشخصي، تعمل تميم واللاعبات الآخرات بجد مع أنديتهم من أجل رفع مستوى كرة القدم النسائية. “يمكننا أن نرى أنه من خلال مسابقة الدوري، تحسّنت العديد من الفرق، خاصةً أن هذا العام حيث لا يمكنك توقع نتيجة أي مباراة”.