النساء الرائدات في كرة القدم هي سلسلة جديدة من FaLebanon لتسليط الضوء على كرة القدم النسائية في لبنان وتقديمك إلى بطلاتنا اللبنانيات.
نادرًا ما نسمع عن لبنانيين يمارسون كرة القدم في دوريات لكرة القدم آسيوية واوروبية، ولكننا تقريبًا لم نسمع عن لاعبات لبنانيات في الخارج.
قد يبدو هذا احتمالًا واضحًا في المستقبل القريب، ولكن هناك قصة نجاح دولية واحدة على الأقل تحدث في الوقت الحاضر في الدوري اللبناني لكرة القدم النسائية. في السنوات القليلة الماضية، لاعبة خط الوسط نادي اوبيرتوس ماريا افتيموس زادت من خبرتها خلال تجربتها، لمدة سنتين، في كرة القدم الفرنسية.
جاء انتقال ماريا إلى فرنسا عندما قررت مواصلة تعليمها العالي في ليون. ومثل العديد من الرياضيين اللبنانيين الشباب، اختارت متابعة شهادة جامعية بدلاً من ممارسة كرة القدم. “في لبنان، لا تملكين فرص للنجاح. يقولون دائمًا إن الرياضة لا يمكن أن تكون حياتك هنا.”
في حين أن معظم الرّياضيين سيذهبون إلى مجال متعلّق بالرياضة، كانت ماريا أكثر اهتمامًا بدراسة مجالها المفضل، التاريخ. “فكرت في تعلّم الرّياضة في الخارج، لكنني قلت لنفسي إنني ألعب كرة القدم الآن، لذلك لدي بالفعل معرفة عن هذا المجال، فلماذا لا أقوم بشيء آخر.”
بعد حصولها على اجازة في التاريخ، بدأت لاعبة اوبيرتوس في تقييم خياراتها المستقبلية. “لم أكن أريد أن أصبح مدرسةً، لذلك قررت الانتقال إلى العلوم السياسية أو العلاقات الدولية.” ثم استقرت في برنامج الماجستير في مجال العلوم السياسية بعنوان الأمن والدفاع الذي يدرس في جامعة ليون، فرنسا. “إنه شيء لا نعرفه عادةً [في لبنان]، وأعتقد أننا لا نستطيع العيش في عالم خالٍ من الأمن والدفاع”.
بدأت رحلتها لكرة القدم في السنوات الأولى من دراستها حيث لعبت مع فريق كرة القدم في مدرستها وفي اكاديمية “اي اس اي”. بعد اغلاق فريق البنات في ” اي اس اي”، حاولت ماريا الانضمام الى أكاديمية أخرى. في البداية حاولت الخروج الى أكاديمية كرة القدم للبنات “جي اف أي”، ولكن بعد ذلك قررت أن تتبع زميلاتها السابقات اللواتي انضممن الى نادي بيروت. في فترتها مع نادي بيروت، واجهت لأول مرة التّنافس في الدوري اللبناني لكرة القدم النسائية.
“لم يكن هدفنا أن كون أبطالاً. في ذلك الموسم [2013]، كانت هناك أندية مثل الصدقة و”جي أف أي”.” مع ذلك، استطاع نادي بيروت على الانهاء الموسم خلفهم مباشرةً في المركز الثالث، وهذا فخر للفريق الذي كان يتكون في غالبه من لاعبات شابات. ” لقد اكتسبنا الكثير من الخبرة وتعرضنا لضغوط المباريات كل يوم أحد.”
بعد ثلاثة مواسمٍ، تم تحويل فريق الفتيات في نادي بيروت إلى نادي اوبيرتوس. مع الحفاظ على معظم اللاعبين الأصليين، بدأت الادارة أيضًا الى استقدام لاعبات جدد وتحسين جودة التدريب. هذا التّحول رفع من مستوى الفريق فبقي اوبيرتوس من بين كبار المنافسين في الدوري.
على عكس معظم لاعبات الدوري الموهوبات، لم تمثّل ماريا منتخبها حتى الآن. تم استدعاؤها لفريق تحت 19 عامًا بعد أول موسمين لها مع نادي بيروت، لكنها كانت تملك شكوك حول استدعائها فرفضت. “لم أكن مقتنعةً جدًا بإدارة الفريق الوطني، سمعت أنها مبنية على علاقات شخصية.” وقد ام التقرب من ماريا في وقت لاحق لتمثيل فريق السيدات، ولكن في توقيت المؤسف، عندما كانت متوجهة الى ليون.
على الرغم من أن هدفها الرئيسي من الانتقال كان التعليم، إلا أن لاعبة اوبيرتوس لا تستطيع تخيّل حياتها بدون كرة القدم. انضمت الى نادي في ليون ينشط في دوري الدرجة الثالثة. “لقد كان فريقًا جادًا للغاية، وكان لديهم لاعبات سابقات من نادي ليون الاول، وتعلّمت الكثير منهم.” اكتسبت تجربة لا مثيل لها أثناء التنافس في دوري الدرجة الثالثة الفرنسي، ووصلت حتى إلى الجولة الرابعة من بطولة كأس فرنسا.
بعد النصف الأول من الموسم، بدأت دراستها تتأثر سلبًا، فقررت ماريا مغادرة ناديها. ومع ذلك، كانت محظوظة لإيجاد فريق آخر أقرب إلى منزلها ويصلح أيضا لجدولها الممتلئ: نادي الدرجة الرابعة “Eveil de Lyon”.
لم يكن المستوى الأدنى في الدوري مشكلة بالنسبة لها، لأنها كانت تعتقد أن التدريب المنتظم والمسابقات يمكن أن تكون مفيدة في أي مكان. قضت ماريا موسم ونصف مع ناديها وفازت في البطولة الإقليمية، كل ذلك مع انهائها لدراستها.
بعد أن لعبت في بلدان أجنبية، يمكن لماريا أن تميّز الفرق بين الدوري اللبناني والدوريات في الخارج. “عندما تلعب في أوروبا، يجب أن تكون أسرع في كل شيء، وأن تفكر بشكل أسرع، وتمرر بشكل أسرع، وتتطّور بشكل أسرع.” إنها تشير إلى أن، في فرنسا، فرق تلعب دائما في نظام واضح المعالم، خلافًا لما يحدث في لبنان حيث الأندية تميل إلى أن تعون أكثر إلى الوراء في أسلوب لعبها.
السبب الرئيسي لذلك هو أن الأطفال في أوروبا يتلقون التّدريب والتّعليم المناسبين في كرة القدم وتكتيكاتها. تعتقد لاعبة اوبيرتوس أن إدراج هذا الجانب التعليمي في الأكاديميات اللبنانية أمر حاسم لتطويرها.
هناك مشكلة أخرى تواجه كرة القدم اللبنانية وهي عدم الاستمرار. “في أسبوع تلعب على أرض ملعب صغير، وفي الاسبوع التالي تلعب في ملعب بحمدون.” علاوة على ذلك، يتم ضغط الدوري لتناسب جدول من بضعة أشهر، مما لا يسمح للاعبات بالتعافي بشكل صحيح من أصغر الإصابات. كانت الدوريات الفرنسية التي لعبتها ماريا فيها فواصل موسمية أبقت اللاعبات مرتاحات، ولعبت الألعاب في ملاعب مجهزة تجهيزًا جيدًا.
” مثل اي نظام في لبنان، كل ذلك يحتاج إلى تغييره من الصفر.” لخطوة الأولى لتحسين في رأيها هي الحصول على المزيد من التمويل. إلى جانب ذلك، فإن محاولة ترقية الدوري من هاوٍ إلى محترف ستعزّز جمهوره وتجذب رعاة أكبر.
مثل معظم اللاعبين اللبنانيين، تعتقد ماريا أن المشاركات الدولية هو امر ضروري لتطورها. “كانت أول بطولة غرب اسيا لانادية في عام 2019، الى هذا الحدّ نحن متأخرون.” تقترح ماريا تنظيم المزيد من المباريات الودية مع الأندية المحترفة في المنطقة، وربما حتى في أوروبا، لأن التعرض لأنماط مختلفة سيحسن من مستوى كرة القدم اللبنانية.